الكلام الذي سأقوله لزجاجة قلبي

استراح المقام، وجاوزت العين أغيارها إلى سؤددٍ لا يُرام. كنتُ واحدًا، فأصبحت قلبًا ولربما اعتاز القلب حاجاتٍ عظام. وحين اتسع؛ خبّأتُ النشيج إلا زفراتٍ ليس لي على كبتها عظام. وتمرغت في الوحل، ودخلت أحراش الخطيئة، ورافقني الشكّ، وأحرقتني الغيرة، ولم يمنعني المقامُ من التأمّل في حال المحبّين فما وجدتهم على حالٍ واحدة، فكما أنّ الله واحد وهذا خلقه، وكما أنّ الماء واحد وثماره المجتناة مشتبهة ومتشابهة؛ فكذلك القلب وقرعه يحسه المحبّ ذاته في كل قلب وآثاره متباينة، ولقد كنت في صباي قد أدمنت القياس والرصد وأخذني غرور الشباب إلى مقاربة الأحوال، لكنّ العمر مفصح والأيام مبينة، وقد حيّرتني.

أين خطفة العين من خطفة القلب، في بارق العين سرقك هذا الطيف، ولو أبحرتَ أبحرتَ في الطيوف ما أوصلتْك، وكنت قد ركضت حينها جلّ عمري وماوصلت، أركض أتبع قلبي أو يتبعني، وربما أبعدته عني لوخزه فأبعدني، وباعدني. دون ذكر محاولات الغوايات سرقة قلبٍ غضٍّ أعزلَ، ودون ذكر المنايا وتغريبها وغرباتها وغرائبها ورغائبها ورغبها، ودون ذكر العيون التي تحبها تطفح بكل مالا تحبه، فتعلم حينها كيف تُصاب القلوب وكيف تُصوّب.

طفلٌ يلعب يراقبه أبواه وحين يعلم بمراقبتهما لا يتعب، مالذي يسحر الأطفال باللعب سوى غياب الجزاء، مالذي يغريهم تحديدًا بلعبة الاختباء، سوى أنّها سوف تنتهي هذه اللعبة حتمًا بإيجادهم.

صفّحت قلبًا عن الصدأ بالآلام، كلّما لهى أدمته عثرة ودمعت عينه توبةً ووجدًا، وخوف الحكيم من مكر الحليم حين يغضب، يبتلي بذنبٍ يُظنّ ألّا جزاء عليه فيخطئ، وللعزم مدى وللخطايا تقية وللذنوب تطهير، وحبيبي مسافرٌ في عالم الجمال أرقبه على طول المدى، يرقص رقصته الجميلة ويحمّلني أطواق الحسابات والظنون وردة وردة.

-ألا تغضب ؟
-لا أغضب حتى أترجم الخيبة إلى معنى، لكني أختار دائمًا رؤيتها تتبختر أمامي دون اسم ودون رمز وبهيئة معتمة تختفي في الحلم ويبعثرها خوفي وقديم صبري وتجلدي، لكني أغضب من محاولة إغضابي، وتلك حال أخرى.

أحسبُ أنني لا أستطيع إشاعة شيء للناس بنفس القدر الذي لا أستطيع به إخفاء شيء عنك، خوفي الغريزي والتلقائي الأول الأقدم المقنّع الواضح المعجم الفاضح والذي تعرفينه بطبيعته قبل الصياغة، يرى ويبكي وتبكينه حين يبكي، ويبكيك، ويسمعك ولا يعرف كيف يفعل بسهولة الوصول أو بالاستجوابات الفجّة لأناس يملّون وحين يملّون يظلمون، وأعرف كيف يراني من يكرهني، بنفس القدر الذي أعرف به أنه مامن فعل سأفعله إلا وستزيد به كراهيته، فأضحك على غشاوة العين سوى عن رغبتها، فإن كانت مسافة الظلم حديث لما تكلمت، وإن كانت نظرة لعشِيت، وإن كانت لقاء لتواريت، وإن كانت صمتًا صرخت، هكذا أرى أو هكذا أُريت.

هزمتُ الخيال نعم، هزمته عن رغبته في امتلاكي، لكني لم أقتله بل خدرته، ويغلبني قلبي، قلبي القليب، الكامن داخل قلبك في زجاجة.

أخبرني عن رأيك ..

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s