يرفع يده عالمًا بأنّ ماوراء الوراء وراء،
وفوق الفوق فوق،
وداخل روح الروح روح،
وأنّ النواحي باطلة وأنّ الناحية واحدة؛ لكنه مازال يرفع يده،
كما أنْ يصانع عقله الذي كبر عليه جدًّا وبدأ يثقله،
مغاضبًا يحمّله مما لا يطيقه.
أيْ صاحبي لمَ تكتفي السعادة بدمعة واحدة ولا يشبع الحزن من ملايين المواويل والدموع والشهقات والنحيب؟.
أجمعَ على أن يهاجر ذلك المكان الذي لا يعرف الولاء، وقد كانت فكرته عن الولاء منذ الصغر شيءٌ بلا كَفاء ولا حدّ، كلّما تقادم تجدد، ولو جمعوا كل هذا المال والهواء لن يستطيعوا أن يتخلصوا من قيد الزمن، قيد السنين؛ لكنّها ذات الهجرة التي ظنّ أنّ فيها الخلاص كفرٌ بالأرض التي رعته وآنسته وحفظت له مواطئ أقدامه.
هو ذات الوفاء لناحية خيانةٌ لأخرى، والصدق إلى أمد لا يشبه الصدق في شيء.
والكتمان ليس يعني اليأس،وليس بالضرورة صبر؛
إنّما هو ذلك العقل الذي كبر وذلك الجسد الذي يشي،
وهذه اليد التي تشهد، واللسان الذي قال كل الوبال،
وكلّ مالمس تلك النفخة قد نال من منهلها وأسمالها،
ومن يلمس يُمسّ.
وعى على هذه الحقيقة المخيفة، عن عبثية القوالب، وسحر المناظر:
أنه بذاته الحقيقية كما هو اسمه، سحرٌ. سحرٌ. سحرٌ. وسرّ. من انتزع من هذه النفس هذا الستر.
حرّك خطرته وطارت بعيدًا فكرته، كما طار بعيدًا طيب الخاطر.
صديقي كل ماهو ثمين لا يُقدّر بثمن.
اشتر حرصك بنفسك قبل أن يشتريها غيرك.
واشتر كلّ مايُشترى منك، فلحظة الغفلة قادمة
. بطّن الجدار بعد الجدار،
بالأحراش والشجر، والخوف والحذر، والخدعة بعد الخدعة،
حتى يدركك الانتباه قبل أن يدركوك.
ثم افتح نافذتك بعد هذا كلّه إلى ذاك الذي لا تنفع معه كل الجدر والأسورة والمحابس والبيبان، فهو الغطاء والستر، وله الولاية دون سواه، حارس الحقيقة عن نفسه التي أصل إليها قبله فأتباطأ كرمًا واحترامًا ومنّة.