“صبحت أحب الحب من بعد عشق الحبيب”

“أضحك مع الفرحان
وأبكي مع الباكيين
وأبات وأنا حيران
وأشكي؟ أشكي لمين”

لا يسلو المحب، وإن سلا؛ فإنه يسلو عن نفسه.
وتجري الأيام وصوارف الأقدار وظلم القريب ولامبالاة البعيد والسنين تعلّق على حيطانها أرقامًا لا تحمل في طياتها من معانٍ سوى أعمارنا، خيباتنا، فشلنا، خوفنا.

وراحة القلب العاشق استراحة محارب، يغفو دهرًا ويصحو لحظة تتحدد فيها وجهته، وأينما يمم فقبلته في شعوره الذي يداريه بين أضلاعه لا تحيد حتى تتكسر ولا ينكسر، ويظلّ يسهر رعايةً لمآرب وصغائر حبيبه التي يقدّسها ويجمعها قلائد ومشاهد وأشعارًا لأنها تذكره دومًا بأسباب بكائه ولوعته.

وللمحب أحوال لا يُعرف إلا بها ويتمنع عنها كي لا يُعرف، ومنها ومنها ومنها، حتى يصبح هو منها وإليها، هذه المحبة التي تظلل جوانحه وترقق عظامه وتؤرق مآقيه وتورق في لحيته أدمعًا وربيعا، ولولاها لمعة ما عُرف، ولولاها كبدٌ متورمة ماعَرف، ولولاها مناسبات حاسمة ما تنبّه، ولولاها معابد ماتحنّث، ولولاها أعياد ما احتفل، ولولاها خمرة ماسكر، ولولاها ترانيم ما تطرّب، ولولاها مضارب مارقّص.

ويا إيقاعًا في القلب ماعرفت من دونه كيف يحيا المرء بين جنبيه اللذين توحشا من لا مبالاة أشباه الأحياء. وربّ منفعة تستوجب شكرًا لسترها عريّ المقصد، وربّ فتنة لولاها ماسرح في معاني الحياة، ولولاها حياة ماعرف أنّ في الحياة مايستوجب الشكر والصبر والتضحية والبذل.

ويطيب الشك في رحاب الحب حيث وقر في القلب مالا يبرح وما يقيم، وتستقيم الذائقة حتى يرى المرء ماكان خافيًا عنه في ظلال السائد والسرديات الغالبة، ويهتدي القلب بعد ماكان طيّارًا في فضاء الله ينشد الخلاص، فالحمد حمد الواهب والود ود الحافظ والذكرى ذكرى المحب، ولا يعرف الحبيب الوفاء مالم يعرف الشقاء، بل يعرف أنّ الحياة متراكبة شأنها شأن الخلائق كلها فلا تكاد تخرج من أحدها إلا وقد دخلت في الآخر، ولا تكاد تستبينها مالم تُسقطه على ذاتك، ومن هنا تتبرعم الأنا والذائقة والثقة، ومن السياحة في وجوه الناس، ومن السياحة في فضاء الله؛ تعرف مالم يكد يعرف إلا بالحب والدعة والترقق والاستكانة والإخبات.

أما السلامة فلا سلامة، ومن هنا تتعضد النفس بالشجاعة وتتبرعم الطمأنينة فتورد في العينين سلامًا أخضرًا وحَورًا مستقيمًا وجمالًا مُهيبًا، لأن الفائت هو ما سيأتي لا ماقد مضى، وعليه فإنّ عليك أن تعي وتتفكّر في المخاطر القادمة كما لو كنت تقلّب صحيفة أطباق الطعام، العبرة فيما تشتهي لا في كونك ستشبع، فإنّك ميت وهم ميتون.

والمحبة شأنّ الراقصين طلبًا للوضوح لا طلبًا للتأكّد، فلا أحد يتأكد حق اليقين لكنه يختار بعينين واسعتين، ومهما استنفذت من جهد فالله أقدر، ومهما استبطنت من معانٍ فالله أعلم، ومهما مكرت من مكر فالله خير الماكرين.

راقصني يا حبيبي علّ علّة في النفس تزول،
ماتعني يا نديمي فالمنى منك هي المأمول
ومالحني فياللضحكة الصرفة على وجهك أبتاع بها متاع الدنيا. وللمحب أسرار لو علمها عن نفسه لزالت نفسه، لكنه يتذوقها ويستمتع ويدع كلفة المعرفة على الصانع، وكم تمنيت أن اكون صانعًا لكنني ذوّاق أكثر

وأحب الكتابة والحب من حبّ الحبيب. تذكري هذا و بلغيه عنّي.

أخبرني عن رأيك ..

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s