يسألني حبيبي دائمًا: ماهو الحب؟.
وتكون إجابتي كل مرة مختلفة، وغالبًا ماتكون في الصمت.
لذيذٌ هو الإدراك للحد الذي لا تريد بعده للعالم أن يتحرك، ولكنّه يتحرك وتختلف الأشياء حين يتحرك وتختلف قناعاتك حول ما أدركته ولعلك تنسى ماكنت قد أدركته، ويظلّ أثر لذّة الإدراك باقيًا في خلدك، وتتمنى لو يعود.
الجبان هو شخصٌ يقدّر بشدة السلامة، عوضًا عن الفهم – أي التعرض للمتاعب- وقد كنت أعتقد قبلُ أنّ الجبان هو من ينسحب من العراك لمجرد أنه حول شيء لا يستحق، وقد يقول قائل أنك تناقض نفسك في تبرير مايستحق ومالا يستحق حيث أنها هي السلامة، لكنّ الفهم يستحق وأستطيع تبرئة نفسي من التهمة حيث أنني لا أتذكر آخر مرة لم ألعب بها كرة القدم دون أن أخرج نازفًا.
لكن من هو القوي؟ أدرك الآن أن القوي هو كل من هو أقوى منك وليس أنت، فبالتأكيد أنت قوي جدًا في نظر أحدهم لكنك لست كذلك في نظر نفسك، حيث أنّ القوة هي طلب الزيادة في شيء لن تصل غايته أبدًا، وكنت أعتقد قبلُ أنّ القوة هي أبي.
والذكي لو سألتني عنه فسأقول لك هو الذي يتذكر الأشياء التي تنساها على الدوام، النبيه الذي ينصب انتباهه دومًا للأشياء التي لا تراها، فإن كان يراك كذلك فقد رأى فيك مارأيته فيه، وإن كان يراك عكس ذلك فلأنه لا يستهويه الجانب الذي يسترعي انتباهك.
الحكم بإزاء الحال، وشجاعة السؤال، نافذة الأنا، كم كنت مذنبًا في نظر الآخرين وتحسب أنك محسنًا، وكم كنت مذنبًا في نظر ذاتك ويراك الآخرون ملاكًا، من يزكي من وهل تكون التزكية بعد الإنجاز أم قبله؟ أم ليس من الضروري أن يكون الإنسان مفيدًا كي يكون مستحقًا لأن يحيا؟ ربما الحياة ذاتها دلالة الضرورة.
السياحة في السؤال أورثتني بعدًا مثقلًا ولكنه كاشف:
عندما ترغب لا تستطيع أن تحكم بوضوح، وعندما تحكم بوضوح هذا يعني أنك لا ترغب في شيء.
فإذا كنتُ يا إلهي الميزان، فكيف أكون أيضًا الإنسان؟
وإذا كنت مذنبًا ورقيبًا، فلماذا أشعر أيضًا بأني عارفٌ وجهول؟
وإذا كنت أشتهي وأموت، فكيف أحبّ وأتوق إلى المعنى؟
ولي حكمٌ يدحضه الزمن، ولي كبرٌ يتعبني تحطيمه كل صباح، ولي إلفٌ لبعض الأرواح دون أن أعرف ماهو المفتاح، ولي نفورٌ من بعضها وإن كنت أعرف سبب نفوري عندما أنفر. ويحسبني الناس على شيء وحسبي أنّي تائه في الملكوت، وأحسب أنهم على شيء فإذا هم يلهثون خلف السراب.
وأتذكر مرّة حجم مسؤولية الوجود عندما تأملتُ بابًا أريد أن أرى ماخلفه، ولا أريد أن أنسى الإنسان الذي كان يريد قبل أن تتفتح الأبواب. ولي في كل ليلة نظرة نحو السماء لنجمتين متقابلتين – على الأقل هما نجمتان في نظري- تلمعان بتناغم مريح يجعلني أعرف كل ليلة من أنا بعد ضياع اليوم.
بداخلي محكمة قديمة قانونها لا يشبه أي قانونٍ معاصر، وبداخلي طفل بقلب متوحش لا يألف اللطف لكنه يألف الصدق، وبداخلي ماجنٌ يحصي لي كل ليلة مافاتني من المتع، وبداخلي ألف قصة لم تروَ بانتظار إشارةٍ ما، إشارةٌ تجعل لرواية القصة لذة تشبه لذة الإدراك التي تظل باقية في خلدك بعد أن تتغير إجابة السؤال كل مرة، فتنسى الإجابة ويبقى السؤال، ويظلّ أثر اللذة باقيًا بداخلك وتتمنى دائمًا أن يعود.
“كم كنت مذنبًا في نظر الآخرين وتحسب أنك محسنًا، وكم كنت مذنبًا في نظر ذاتك ويراك الآخرون ملاكًا”، هل تعني بها خرافة مانقوله “ضع نفسك مكاني” و “الصديق الصدوق هو مرآتك”؟ أم أنني أبعد من هذا؟
أعجبتني القفلة النهائية للمقالة!
“…لذة تشبه لذة الإدراك التي تظل باقية في خلدك بعد أن تتغير إجابة السؤال كل مرة، فتنسى الإجابة ويبقى السؤال، ويظلّ أثر اللذة باقيًا بداخلك وتتمنى دائمًا أن يعود” يالله.