ألا تحبّون أن يغفر الله لكم ؟

أحبّ القرآن لأنه يعلمني آلاف الأشياء في بضع كلمات ، هذه الآية بالذات فيها الكثير من الدروس والآداب والإعجاز الإلهي .

سأتكلم هذه المرة عن معاملات البشر والضيم الذي قد يصيبك جرّاء هذه المعاملات ولا أحد -كَبُر أو صغُر- سيسلم من هذا .
والله عدل ويحب العدل وله العدل الكامل سبحانه ، ومن كمال عدله إيضاح الحقوق الكاملة لك وحدود حريتك ثم بعد ذلك يحسّن لنا الخيار الأكثر خيرية بطريقة تجعلنا نخجل من أنفسنا ونلومها لو اخترنا غيره .

وحقوقك عندما يتعدى عليك أحدهم هي :
أولًا : لك حقّ أن تعاقبه بمثل ماعاقبك به ، وشرط الإتمام المثلية لا زيادة ولا نقصان كما قال ربنا سبحانه [ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين](النحل:126) ، وانظر للطف الله في آخر الآية بالإشارة على عجل للصبر على الأذى .
ثانيًا : كظم الغيظ وإخفاؤه احتسابًا لله ، وهذا يدخل في باب الصبر على الأذى أيضًا [ .. والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ] ( آل عمران:134)
ثالثًا : لك أن تعفو وتصفح عنه ، والصفح درجة أعظم من العفو ، فقد أعفو عن عقابك لكني لا أتورع عن المنّ عليك بذالك العفو ، وأذكرك به مرةً بعد مرة حتى تقول ياليته عاقبني ، أما الصفح فهو كفّ اللسان مع العفو كأنّ شيئًا لم يكن وهي درجة عظيمة من الإيمان.

مالحافز على هذه المرتبة العظيمة ؟ ، انظر كيف يقرّب الله الصورة لك ، ويذكرك بضعفك وبنفسك ، وكيف يعلمنا الله الأدب والأخلاق ويربينا بهذه الكلمات المباركة [… وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم](النور:22) ، وأُثر عن الصدّيق- رضي الله عنه – أنه حين سمع بهذه الآية أنه قال: أحبّ يارب، أحبّ يارب ، أحبّ يارب . وألا كلمة عرض وحثّ ، يحفزّنا الله على أن نتأسى به ، ويقول لنا بهدف الإصلاح بيننا لماذا لا تغفر لأخيك الذي أخطأ بحقك ، ألا تحب أن أغفر لك ؟ ألا تحب أن تتأسى بي ؟ ألا تحب أن تأتيني يوم القيامة وقد رأيت سيئاتك حسنات بسبب غفرانك عن فلان.

الغفران ليس ماديًّا أبدًا ، والحسنات ليست مادية معدودة ، الله وحده يعلم وزن الأعمال لأنه وحده العالم بالنوايا ، ولا تعلم كم سيقيك من ذنوب إن غفرت لأخيك المسلم ، فالمسألة ليست مثالية مقيتة ، أو حسن خلق وذبّ ، بل هي ذلك وأكثر ، هي حسن ظنّ بالله أنك إن عفوت وصفحت عن أخيك أن الله لا محالة سيغفر لك لأنه وعدك بهذا الغفران والله لا يخلف الميعاد .

سبحان ربنا ما أجمله وما أكرمه .

أخبرني عن رأيك ..

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s