اسقيني منه وأمهليني , ومرري الجِرارَ للذي يليني , ثم عودي و خذي ما أعطيتيني , و أرجوك لا تُخجليني , لا تسأليني .
لايُسألُ الإنسان عن أفعاله وهو مُكره , و لا يُنعت الجبان حين يرى الموت بالشجاعة , ولا يُحاسب الإنسان فيما ليس له به طاقة , فقد أسقط الله إصرنا عنّا , هكذا أريد أن أنجو لا بخفي حنين ولا بغنائم وملايين , بل بجلدي , بل بعقلي , بل باسمي .
الصمت حكمة , والكلام في أغلب الأحوال نقمة , لا أحب الكلام , و أمقت الجدال والخصام , المداهنة شرّ لا بد منه , ولكن التورية على الحقائق شرّ لا بد من محاربته , لا أملك إلا قلباً واحداً لأحكي وأثرثر عمّا أحس به من خلاله , ولكني أملك أمزجة كثيرة تبعدني عن مقاصد قلبي في الكثير من أحوالي , وما على منطقي إلا أن يجمع الخيوط بعد الشتات ويحاول أن يخيط ويرقع ما استضلع ! .
فقدت الكثير من لباقتي , كما فقدت الكثير من حماقتي , الصحوة ثمينة , والصراحة متينة , والنوايا الدفينة , لا تظهر إلا على فلتات الألسن , و رمقات الألحاظ , يومها رميْتني بشرر , و ألجمْتني بحجر , بالضبط ألم أقل يوماً بأن الدنيا مجموعة من العطايا , قسمها بين العباد ربهم حين علّم آدم الأسماء كلها , وجعلها دُولة بينهم , حينما تأخذ تأكد أنك ستترك , حينما تدفن تأكد بأنك ستحفر , حينما تكذب تأكد بأنك ستُكشف , حينما تَصْدق تأكد بأنك ستنجو , و حينما تحب تأكد بأنك ستفارق ! .
– لا تخبري الناس عن سوء ما صنعنا .
ولن أخبر الأحلام عن كآبة واقعنا .
– لا تخبريني كيف ضعنا , كيف تهنا , ومن أين أتينا؟ .
ولن أخبر العُذّال بأننا تفرّقنا .
– لا تخبري الأطفال بألاّ يحبوا .
ولن أخبر الشباب بأن يجدّوا .
– لا تخبريني بأنك حزينة .
ولن أخبرك بأنني كئيب .
– لا تخبريني بأنك أحببتني من كل قلبك .
ولن أخبرك أنني جاهدت قلبي بأن يكف عن حبك فتحول إلى جذع ذاوي لم أجد له من مداوي ! ,
ثم أخبريني كيف جئنا ؟ أين فُتات الخبز الذي وضعنا ؟ لأخبرك كيف نعود كما كنا .
ماهو اليقين ؟ غير أنْ تكون فوق جبل مرتفع في ظلمة الليل بيدك شمعة وبيدك الأخرى قلم وتحت قدميك صحيفة , وفي قلبك إيمان بأن هذا كل ماتحتاجه خلال هذه الساعة .
-ماهو الحب ؟ ظلمة الليل .
-ماهو الفراق ؟ قمة جبل مرتفع .
-من هو الخلّ الوفي ؟ قلمٌ و صحيفة .
وإيمان بقلبك بأن الله فوق الجميع , هو ماتحتاجه في كل ساعة .